نصائح شتى
العاقل يدبر بعقله عيشته في الدنيا .
فإن كان فقيراً إجتهد في كسب و صناعة تكفه عن الذل للخلق ، و قلل العلائق ، و إستعمل القناعة ، فعاش سليما من منن الناس عزيزاً بينهم .
و إن كان غنياً فينبغي له أن يدبر في نفقته خوف أن يفتقر فيحتاج إلى الذل للخلق .
و من البلية أن يبذر في النفقة و يباهي بها ليكمد الأعداء .
كأنه يتعرض بذلك ـ إن أكثر ـ لإصابته بالعين .
و ينبغي التوسط في الأحوال ، و كتمان ما يصلح كتمانه .
و لقد وجد بعض الغسالين مالاً فأكثر النفقة ، فعلم به ، فأخذ منه المال ، و عاد إلى الفقر .
و إنما التدبير حفظ المال ، و التوسط في الإنفاق ، و كتمان ما لا يصلح إظهاره .
و من الغلط إطلاع الزوجة على قدر المال ، فإنه إن كان قليلاً هان عندها الزوج ، و إن كان كثيراً طلبت زيادة الكسوة و الحلى .
قال الله عز وجل : و لا تؤتوا السفهاء أموالكم و كذلك الولد .
و كذلك الأسرار ، ينبغي أن تحفظ و أن يحذر منها ، و من الصديق ، فربما إنقلب ، فقد قال الشاعر :
إحذر عدوك مرة و احذر صديقك ألف مرة
فلربما انقلب الصديق فكان أعلم بالمضرة
• فصل : لا تأخذك العزة بالاثم
أعظم المعاقبة ألا يحس المعاقب بالعقوبة . و أشد من ذلك نفع السرور بما هو عقوبة ، كالفرح بالمال الحرام ، و التمكن من الذنوب . و من هذه حاله ، لا يفوز بطاعة . و إني تدبرت أحوال أكثر العلماء و المتزهدين فرأيتهم في عقوبات لا يحسون بها و معظمها من قبل طلبهم للرياسة .
فالعلم منهم ، يغضب إن رد عليه خطؤه ، و الوعظ متصنع بوعظه ، و المتزهد منافق أو مراء . فأول عقوباتهم ، إعراضهم عن الحق شغلا بالخلق . و من خفي عقوباتهم ، سلب حلاوة المناجاة ، و لذة التعبد إلا رجال مؤمنون ، و نساء مؤمنات ، يحفظ الله بهم الأرض ، بواطنهم كظواهرهم ، بل أجلى ، و سرائرهم كعلانيتهم ، بل أحلى ، و هممهم عند الثريا ، بل أعلى .
إن عرفوا تنكروا ، و إن رئيت لهم كرامة ، أنكروا . فالناس في غفلاتهم ، و هم في قطع فلاتهم ، تحبهم بقاع الأرض ، و تفرح بهم أملاك السماء . نسأل الله عز و جل التوفيق لاتباعهم ، و أن يجعلنا من أتباعهم .
اتمنى لكم المتعه في القراءة والفائده التامه